الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم
أولاً: القرآن الكريم معجزة الإسلام المتميزة.
كل الأنبياء كانت معجزاتهم رهينة المشاهدة الحسية الحية الحاضرة، وهذا لأنهم لم يُرسَلوا إلا لقومهم، بينما سيدنا رسول الله ﷺ هو نبي آخر الزمان ولا نبي بعده، وهو مُرسَل للعالمين، فكان من الواجب أن تكون معجزته حاضرة طول الزمان، مؤثرةً دائماً لئلا يكون للناس حجة بعده صلى الله عليه وسلم.
ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم معجزة سيدنا رسول الله ﷺ فقال ﷺ:-
( مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
وقال الله عز وجل متحدياً قريش أن يأتوا بمثل القرآن قائلاً:-
{ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24) }
البقرة[ 23 : 24 ]
ولهذا لما سمع الوليد بن المغيرةصدر سورة فصلت قال لكفار قريش وهو على كفره عن القرآن الكريم:-
[ ماذا أقول؟! فوالله، ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن مني، والله، ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله، إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته]
ولكي يستدل المسلم على الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم فإنه يعرض العرض الآتي:-
1- المعجزات عموماً هي من أعظم بينات النبوة.
2- تحدى القرآن الكريم الإنس والجن أن يأتوا بمثله.
3- ثبت عجز العالمين عن الإتيان بمثل القرآن.
4- إذاً القرآن معجزة.
5- إذاً فالقرآن حجة على نبوة رسول الله ﷺ
وقد يعترض أحدهم على كل هذا بعدة اعتراضات لنتعرف عليها.
ثانياً: الاعتراضات على الإعجاز البلاغي للقرآن.
يعترض الكفرة والملحدون على الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم بخمس اعتراضات رئيسية وهي:-
1- القرآن قد لا يعدو كونه كلام شاعر.
2- إذا سلمنا بأن القرآن كتاب بليغ للغاية فهو لا يعدو كونه مهارة أدبية ممهارة المتنبي وشكسبير.
3- إذا سلمنا أن القرآن كتاب إعجازي فمعجزته غير كافية وهي قاصرة عن إثبات شئ.
4- الإعجاز البلاغي قام في العصر القديم ولا يتماشى مع عصرنا الحالي.
لذلك دعونا نتناول هذه الاعتراضات متناولين جوانب الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم في طيات حروفنا القادمة.
ثالثاً: هل القرآن الكريم كلام شاعر؟
تهمة أن القرآن الكريم كلام شعر ليست جديدة، فقد قالها الكفار الأوائل في محاولة منهم لصد الإعجاز البلاغي للقرآن فقالوا:-
{ أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون}.
والرد على هذه التهمة يكون في محورين:-
المحور الأول: طبيعة الشعر العربي نفسه وطبيعة القرآن الكريم.
فإذا نظرنا للشعر العربي وجدناه يتكون من 16 بحراً شعرياً وهي:-
( الطويل - المديد - البسيط - الوافر - الكامل - الهزج - الرجز - الرمل - السريع - المنسرح - الخفيف - المضارع - المقتضب - المجتث - المتقارب - المتدارك).
هذه هي بحور الشعر العربي كاملةً، الآن اعرض آيات القرآن الكريم على جميع هذه البحور، فلن تجد آية واحدة تتطابق مع بحر واحد.
فالبحر الطويل وزنه:-
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُ
استخرج آية واحدة من القرآن يمكن أن تنتمي للبحر الطويل، لن تجد.
والبحر المديد وزنه:-
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلَاتُ
استخرج آية واحدة من القرآن يمكن أن تنتمي للبحر المديد، لن تجد.
وهكذا في كل بحور الشعر، لن تجد آية واحدة تستقيم مع بحر شعري واحد، بل إن كل آيات القرآن الكريم تتعارض مع بحور الشعر معارضات كبيرة.
فكيف يستقيم القول بعد هذا أنه شعر؟
المحور الثاني: حقيقة حال سيدنا رسول الله ﷺ مع الشعر.
إذا نظرنا لحال سيدنا رسول الله ﷺ مع الشعر وجدنا أن سيدنا رسول الله ﷺ تجمعت فيه صفتين تنفيان عنه ﷺ إمكانية تأليف الشعر وهي:-
الصفة الأولى: أميته ﷺ.
الصفة الثانية: عدم ممارسته للشعر طول حياته ﷺ
فأما أميته ﷺ فقد كان ﷺ أمياً لا يحسن القراءة ولا الكتابة ولا الحساب، وكان هذا رغم كونه نقصاً إلا أنه دليل كماله ﷺ إذ أن أميته هي دليل على صدق نبوته ﷺ ولهذا قال الله تعالى:-
{ وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (48) }
العنكبوت[ 48 ]
وأما عن الصفة الثانية وهي عدم ممارسته للشعر طول حياته فها هي سيرة سيدنا رسول الله ﷺ حاضرة بين أيدينا بتفاصيلها، من أول يوم ولد فيه حتى يوم بعثته فهل كتب بيتاً شعرياً واحداً؟
إذا كان القرآن الكريم كلام شاعر تحدى العرب وهزمهم إذاً فمن المؤكد أن يكون كاتب القرآن الكريم قضى عمره كله يتمرن على الشعر ويمارسه ويغرق فيه حتى يستطيع أن يتحدى الناس مثل هذا التحدي، لا أن يكتب بيتاً أو بيتين، بل يكون متبحراً في الشعر متخصصاً فيه.
وبالنظر لحياة سيدنا رسول الله ﷺ نجده لا مارس الشعر في حياته ولا كتب حتى بيتاً ولا بيتين فضلاً عن أن يغرق فيه ويتخصص فيه ويعرف اساليب شعر كل مكة وقبائلها حتى يهزم كل قبيلة في اسلوبها ويتحداها بالقرآن ولو هزم قبيلتين او ثلاث فلن يهزم البقية.
ولكن الذي نجده أنه هزم الجميع ولم يمارس الشعر يوماً، فكيف يقول عاقل أن القرآن الكريم كلام شعر بعد هذا؟
رابعاً: القرآن معجزة إلهية أم براعة أدبية؟
قد يقول قائل أننا لو سلمنا أن القرآن كتاب بلاغي قوي البلاغة فهذا لا يعني أنه من مصدر إلهي، فقد يكون كتاباً قوياً في مجاله من شخص عبقري، كما كانت سونيتات شكسبير وأشعار المتنبي وروايات نجيب محفوظ، فكلهم صنعوا أعمالاً أدبية بالغة الإبهار، ومع ذلك لم يقل أحد أنهم أنبياء.
وهذا الاعتراض هو من أعجب الاعتراضات التي يمكن أن تُقال، فالقرآن لا يمكن مقارنته أبداً بالأعمال الأدبية العظيمة كسونيتات شكسبير أو روايات نجيب محفوظ لثمانية أسباب وهي:
السبب الأول: سيدنا رسول الله ﷺ كان أمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة، بعكس شكسبير ونجيب محفوظ الذين لم يكونا يحسنا القراءة والكتابة فقط بل كان عندهم مئات الكتب في مجالهم ليستفيدوا منها، بينما سيدنا رسول الله ﷺ ماذا قرأ ليأتي بمنظومة أدبية كالقرآن يعجز عنها العرب؟
السبب الثاني: سيدنا رسول الله ﷺ لم يتعلم الشعر ولم يمارسه طول حياته، فكيف في ليلة وضحاها يكتب كتاباً أدبياً كهذا لينافس به كبار أدباء مكة؟ أما شكسبير ونجيب محفوظ فقد تعلموا الشعر والأدب طوال حياتهم وقابلوا علمائه وتعلموا منهم.
السبب الثالث: اخراج منظومة أدبية يعجز عنها العرب معناه شئ من اثنين، إما أن سيدنا رسول الله ﷺ درس أساليب جميع شعراء العرب في وقته وفهم جميع أساليبهم ثم كتب القرآن الكريم متفوقاً على جميع أساليبهم وهذا مستحيل لأن حياته كلها كانت في التجارة ورعي الأغنام، وإما أنه ﷺ بارز جميع شعراء مكة في الشعر وتشرب أسلوبهم فاستطاع بعد عمر طويل أن يكتب كتاباً يتفوق به عليهم، وهذا أيضاً مستحيل، فسيدنا رسول الله ﷺ لم يكن يحسن وزن الشعر فضلا عن أن يبارز به أقرانه، أما شكسبير ونجيب محفوظ فالاثنين درسوا الآداب المختلفة وأساليب الأدباء من قبلهم فاستطاعوا ان يأتوا بما اتوا، اما سيدنا رسول الله ﷺ فلا، فمن أين أتى بالقرآن؟
السبب الرابع: لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة القرآن الكريم بسونيتات شكسبير أو روايات نجيب محفوظ، فعندما ولد شكسبير كان فن السونيتات موجود فعلاً، ولما ولد نجيب محفوظ كان فن الروايات بالفعل، وكل ما فعلوه أنهم برعوا فيه ليس أكثر، أما عندما ولد سيدنا رسول الله ﷺ لم يكن في اللغة العربية فنون غير فنين اثنين وهما النثر والشعر فإذا نظرنا للقرآن الكريم وجدناه لا هو نثراً ولا هو شعراً إنه فن محدث تماماً.
فشكسبير لم يخترع فن السونيتات، ونجيب محفوظ لم يخترع فن الرواية، بينما سيدنا رسول الله ﷺ على فرض أنه ليس نبي فهو قد أحدث واخترع فناً جديداً وهو فن القرآن الكريم، وهذا يجعلنا بين خيار من اثنين:-
إما أن سيدنا رسول الله ﷺ رجل عبقري عبقرية فذة وبهذا فيجب أن يتم اتباعه.
إما أنه رسول من الإله لنا وفي هذه الحالة أيضاً يجب أن يتم اتباعه.
في الحالتين لا مفر لنا من أن نكون أتباعاً له ﷺ.
السبب الخامس: إذا نظرنا لروايات نجيب محفوظ وسونيتات شكسبير وأشعار المتنبي وجدناها كلها ليست بدرجة واحدة من البلاغة، فهي تارة تعلو وتارة تنخفض، بينما القرآن الكريم كله عالي البلاغة لا ينزل منه شيئاً، لدرجة جعلت واحداً من أعدى أعداءه يقول عنه:-
[ ماذا أقول؟! فوالله، ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن مني، والله، ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله، إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته ].
السبب السادس: أجل نعلم أن سونيتات شكسبير وروايات نجيب محفوظ وأشعار المتنبي هي أعمال أدبية قوية، ولكن هل يجرؤ أحد من الثلاثة أن يتحدى أبناء قومه في أن يأتوا بمثل ما أتوا؟
بمعنى..
لماذا لم يجرؤ المتنبي على تحدي الشعراء في زمنه أن يأتوا بمثل شعره؟ ولماذا لم يتحدى شكسبير أدباء عصره أن يأتوا بمثل سونيتاته؟ ولماذا لم يتحدى نجيب محفوظ روائيي عصره أن يأتوا بمثل رواياته؟
الإجابة هي أن الثلاثة كانوا يعلمون أنهم لو تحدوا أبناء مهنتهم في عصرهم بهذا التحدي فأبناء مهنتهم بكل بساطة سيجتمعوا ويغلبوهم بكل بساطة بعمل أدبي واحد.
بينما إذا نظرنا للقرآن الكريم سنجد أن سيدنا رسول الله ﷺ يتحدى به العرب أيما تحدي، فيقول لهم:-
{ فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا }.
أي إذلال هذا للعرب في فنهم وما برعوا فيه وفي كرامتهم وهم معروفون بأنفتهم وكرامتهم؟
ثم ماذا نجد من العرب وقتها؟ هل ينهون هذا التحدي ويقضوا على دعوة محمد التي عصت عليهم عبيدهم وأجهضت عليهم تجارتهم؟ لا.
نجدهم بدلاً من إنهاء هذا التحدي يذهبون للسيف والقتال بدلاً من أن يجاوبوه وينهوه، فلماذا اختاروا الحروب بدلاً من أن يجاوبوا التحدي وينهوا هذه الدعوة وهي في مهدها قليل أتباعها؟ إنه التحدي القرآني.
السبب السابع: سونيتات شكسبير وروايات نجيب محفوظ وأشعار المتنبي كل من في عصرهم قال عنها أعمال أدبية بارعة، ولكن هل قال أحد عنها أنها سحر لا يمكن الإتيان بمثله؟
لقد وصف الكفار القرآن الكريم لعجزهم عن الإتيان بمثله بأنه سحر، وذلك ليخففوا من وطأة عجزهم عن مجاراته، فكيف بعد هذا يتم وصفه بأنه مجرد قطعة أدبية بارعة ليس أكثر؟
السبب الثامن: الظروف المحيطة بالقرآن الكريم تنفي إمكانية تأليفه فضلاً عن أن يكون بالغ القوة الأدبية، وبالرغم من هذه الظروف فقد نزل القرآن الكريم بهذه البراعة الأدبية، وهذه الظروف تتمثل في:-
الظرف الأول: طبيعة مواضيع القرآن الكريم أنها مواضيع جامدة لا مكان للأدب فيها، فالقرآن يتناول الرد على أهل الكتاب من اليهود والنصارى وعلومهم، ويتناول مواضيع وثنية للرد على مشركي مكة، ويتناول مواضيع فلسفية كالغاية من الخلق وماذا بعد الموت، ومواضيع تشريعية كتشريع الميراث والحلال والحرام وما يجوز وما لا يجوز، ومواضيع اقتصادية وسياسية وعسكرية وغيرها، وكلها مواضيع لا مكان للأدب فيها، فهي مواضيع جامدة ومع ذلك تجد القرآن الكريم يعبر عنها بأعلى اسلوب أدبي.
الظرف الثاني: القرآن الكريم لم ينزل دفعةً واحدة، بل نزل في كثير من الأحيان كإجابة على سؤال، أو تفسير لحادثة، أو إنقاذ لموقف، وظل يتنزل هكذا لثلاث وعشرين عاماً، متفرقاً منجماً متعددة أسبابه ومختلفة، فكيف لكتاب مثل هذا أن يخرج كقطعة ادبية فنية؟ هذا مستحيل، ومع ذلك هذا ما حدث فقد خرج القرآن في أعلى درجات البلاغة رغم أن طريقة كتابته تستحيل هذا، فكيف يكون مجرد قطعة أدبية؟ انه معجزة لغوية رائعة.
الظرف الثالث: التكرار لكثير من المواضيع في الأعمال الأدبية يجعلها تفقد رونقها وتصبح مملة، أما القرآن الكريم فالكثير من مواضيعه مكررة، ومع ذلك خرج لنا بأعلى صورة بلاغية فكيف يكون مجرد قطعة أدبية بارعة؟ انه معجزة إلهية.
الظرف الرابع: حالة سيدنا رسول الله ﷺ تنفي أن يكون هذا القرآن عمل أدبي، فقد كان سيدنا رسول الله ﷺ حين ينزل القرآن يتصبب عرقاً ويثقل جسده ويسمع حوله صوت كدوي النحل ويعاني من القرآن شدة، وهذا عكس تأليف الأعمال الأدبية التي يحتاج صاحبها إلى صفاء ذهني، وهدوء فكري.
الظرف الخامس: عاش سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة 13 سنة في مطاردات وتعذيب، فكيف في ظل هذه الظروف ومحاولات القتل المتكررة يستطيع أحد أن يؤلف مقطوعة ادبية عالية الجمال حتى في أحلك لحظات حزنه؟
إذاً فلا يوجد مجال للقول بأن القرآن الكريم مجرد مقطوعة أدبية بارعة، إذ أن كل القرائن المحيطة به بل وطبيعة القرآن الكريم نفسه تشهد بأنه معجزة إلهية.
خامساً: إعجاز القرآن كافي أم قاصر عن الدلالة على مصدره الإلهي؟
قد يقول قائل أن الإعجاز اللغوي للقرآن غير كافٍ لإثبات أن القرآن الكريم كلام الله سبحانه، فهو لم يقدم شيئاً يقطع كل الريب والشك.
والمعترض بهذا الاعتراض لم يفهم حقيقة التحدي اللغوي من القرآن الكريم للعرب، فالتحدي القرآني للعرب قد وصل لأعلى درجاته، وأقصى ما قد يتم الوصول إليه في التحدي، وقد اتصف هذا التحدي بعدة صفات تجعله أقصى درجة ممكنة وليس بعده شئ، وهذه الصفات هي:-
1- الشخص القائم بالتحدي وهو سيدنا رسول الله ﷺ أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
2- الشخص القائم بالتحدي وهو سيدنا رسول الله ﷺ لم يمارس الشعر طوال عمره.
3- مواضيع القرآن الكريم هي أبعد ما يمكن عن الطابع الادبي البلاغي فهي جدالات عقدية وأخبار تاريخية وقرارات تشريعية وهذا ما ليس للبلاغة فيه مكان.
4- نظم القرآن الكريم لا هو شعر ولا هو نثر وهذا يصعب التحدي على سيدنا رسول الله ﷺ نفسه، إذ أن هذا النظم الجديد هفوة واحدة فيه قد تقضي عليه تماماً فهو نظم جديد غير خاضع لأي معايير علمية يمكن ضبطه بها، وبهذا سقوطه سهل للغاية بهفوة واحدة.
5- التحدي القرآني كان في العصر الذهبي للبلاغة العربية، فقد كان الشعر في العرب يرفع أقواماً ويضع آخرين، وكانت القصيدة واحدة كفيلة بإلباس العار لقبيلة كاملة لسنين عددا، فرسول الله ﷺ لم يتحدى أناس هواة، بل تحدى اعظم بلاغيين في التاريخ العربي كله.
6- اقترن التحدي بأقصى صور الاستفزاز، فتوعد الكافرين بالنار، وحاربهم بالسيوف، ونزع منهم سلطانهم السياسي، وعصى عليهم عبيدهم، واخذ منهم أموالهم.
7- عرض التحدي القرآني اسهل ما يمكن للعرب أن يماروا فيه وهو سورة واحدة، طلب منهم سورة واحدة فقط، وعندما طلب منهم 10 سور سهلها عليهم وقال لهم ائتوا بعشر سور مفتريات، اي ليس مهماً ان تكون هذه السور تتناول مواضيع حقيقية كالقرآن الكريم، بل ألفوها وألفوا مواضيعها من خيالكم، فأي سخرية هذه منهم.
8- قبول تضافرهم وتعاونهم هم والجن في الإتيان بمثل القرآن.
9- فتح المهلة للتحدي إلى قيام الساعة، وإلى الآن مازال التحدي قائماً ولم يجبه أحد، وأقصى ما حاول الكفار الإتيان به لم يكن في عصر الشعر الذهبي في مكة، وإنما كان في أيامنا هذه، فقام بعض الكفار بتقليد يُضحك صبيان الكتاتيب للقرآن الكريم.
10- بعد كل هذا وقف العرب يصفون القرآن من روعته على أنه سحر وأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله.
فهل بعد كل هذا يستطيع أن يقول أحد أن القرآن الكريم لم يبلغ في الإعجاز أقصاه؟ إن هذا التحدي هو ما دفع بالمستشرقة الألمانية أستاذة الدراسات القرآنية في الجامعة الحرة ببرلين ومديرة مشروع جمع النسخ القرآنية (أنجيليكا نويفرت) إلى أن تقول في مقابلة مسجلة مع الداعية حمزة تزورتزس:-
( أعتقد حقاً أن القرآن قد أوقع الباحثين في الغرب في حرج، إذ لم يتمكنوا من تفسير الظهور المفاجئ للقرآن بغناه في الأفكار وبيانه البديع في بيئة لم يكن فيها سابقاً أي نص مكتوب مبجل).
سادساً: هل المعجزة البلاغية قائمة اليوم؟
قد يقول معترض أن المعجزة البلاغية غير قائمة اليوم، فهي وإن قامت على أهل مكة في حين نزول القرآن إلا أنه يمكن أن يظهر جيل يستطيع أن يرد التحدي القرآني.
وصراحةً لست افهم هذا الاعتراض.
تخيل معي أن فيزيائياً جمع أكابر الفيزيائيين في التاريخ، ثم تحداهم في إخراج منظومة فيزيائية جديدة، وعجزوا عن هذا، فهل نقول له أن عجزهم لا يعني انك صاحب منظومة فيزيائية قوية حتى نختبر أصحاب المهن الأخرى ومن ليس له علاقة بالفيزياء؟
هل هذا عقل؟
انتظر أريد أن أفهم، العرب هم أهل الفصاحة والبلاغة وأقل فصيح عندهم بأفصح فصيح عندنا، تحداهم سيدنا رسول الله ﷺ وفشلوا وعجزوا، فهل من الممكن بأي شكل من الأشكال أن ينجح في هذا التحدي من لا يحسن العربية أصلاً من أبناء جيلنا؟ أو الأجيال القادمة التي تحتاج أن تدرس العربية؟!!
سابعاً: هل الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم دعوى عقلانية أم مجرد دعوى إيمانية؟
قد يقول قائل أن القول بالإعجاز اللغوي للقرآن الكريم هو مجرد دعوى إيمانية من المسلمين، وليس هناك شهادات من غيرهم تقول بأن القرآن معجز لغوياً.
فعلاً؟ هل تجرؤ على هذا الاعتراض؟
لقد اعترف بالإعجاز اللغوي للقرآن الكريم ثلاث:-
مشركي مكة.
النصارى.
ولنبدأ باعتراف مشركي مكة بإعجاز القرآن الكريم.
أشعر شعراء العرب في الجاهلية كان لبيد بيعة لما سأله عمر رضي الله عنه عن شعره القديم قال:-
( أبدلني الله بالشعر سورة البقرة).
ولما سمع جبير بن مطعم وهو كافر سيدنا رسول الله ﷺ يقرأ بسورة الطور قال:-
( كاد قلبي أن يطير).
ولما سمع الوليد بن المغيرة سورة فصلت قال:-
( ماذا أقول؟! فوالله، ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن مني، والله، ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله، إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته).
هذه شهادات العرب ماذا عن شهادات النصارى؟
شهادات النصارى بالإعجاز اللغوي للقرآن الكريم.
كتب آرثر جون أربري المستشرق والمترجم البريطاني يقول في كتابه The quraan interpreted:-
( إنه أعظم قطعة أدبية على مر التاريخ).
وكتبت المستشرقة لورا فيشيا فاغليري في كتابها " An interpretation of islam" تقول:-
( كيف يكون هذا الكتاب العربي الرائع عمل محمد العربي الأمي الذي لم ينظم طول حياته سوى بيتين أو ثلاثة؟ وليس منها ما يكشف ادنى درجات الصناعة الشعرية).
وقالت المستشرقة الألمانية أستاذة الدراسات القرآنية في الجامعة الحرة ببرلين ومديرة مشروع جمع النسخ القرآنية (أنجيليكا نويفرت) إلى أن تقول في مقابلة مسجلة مع الداعية حمزة تزورتزس:-
( أعتقد حقاً أن القرآن قد أوقع الباحثين في الغرب في حرج، إذ لم يتمكنوا من تفسير الظهور المفاجئ للقرآن بغناه في الأفكار وبيانه البديع في بيئة لم يكن فيها سابقاً أي نص مكتوب مبجل).
يقول المستشرق "جوزيف شارل ماردروس" في مقدمة ترجمته لانتين وستين من السور الطوال:-
( أما أسلوب القرآن فهو الأسلوب الخاص بالله، وبما أن الأسلوب يمثل جوهر الكائن الذي صدر عنه هذا الأسلوب فلا يمكن أن يكون هذا الأسلوب إلا إلهياً).
ومازال في جعبتي عشرات وعشرات الشهادات من النصارى والمستشرقين عن عظمة القرآن الكريم وكيف هو لا يمكن إلا أن يكون إلا شي من اثنين.
إما كلام الله وإما أن محمد هو أكثر رجل عبقري على مر التاريخ.
جزاك الله كل الخير
ردحذف