العالمانية والإسلام
أولاً: تعريف العالمانية.
عندما تعرف أن العالمانية هي النظام الحاكم للكوكب كله، يتبادر لذهنك أنها صارت نظاماً واضحاً ومفهوماً ومعروفاً، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال الاختلاف عليه اللهم إلا اختلافاً يسيراً في بعض جزئياته.
ولكن الوضع غير هذا يا عزيزي، على عكس المتوقع تماماً فإن العالمانية مختلف في أصل أصلها والذي هو تعريفها أصلاً، فلا يوجد أحد يعرف ما هي العالمانية، أجل كما قرأتها لا يوجد بشري واحد يعرف ماهي العالمانية، وقد اختلف العلماء والفلاسفة في تعريف العالمانية.
ولكن بالنظر لمجمل تعريفاتهم سنجد أن العالمانية باختصار غير مخل هي إنهاء التواجد الديني في حياة الإنسان.
وهنا قد يقفز أحد متعالمي العالمانيين العرب ليقول لي في حماسة وقلق "أنت مخطى يا ابن سليمان لأن العالمانية ليست إبعاد الدين عن حياة البشر، وإنما فقط فصل الدين عن الدولة".
هذه العبارة لم ولن تسمعها من أي علماني إلا فقط علمانيين العرب، وهذا لأن العالماني العربي يعلم طبيعة الوازع الديني والإسلامي في الشعوب العربية، لذلك فقد تم تصدير خطاباً عالمانياً مفاده أن العالمانية ليست ضد الدين وإنما فقط العالمانية هي فصل الدين عن الدولة.
ولا يوجود عالماني في العالم كله يقول بهذا إلا عالمانيي العرب، ولهذا فلنرجع لموسوعة العلوم السياسية لنرى ما هو تعريف العالمانية، لنتفاجئ أن العالماني العربي إما أنه كاذب، وإما أنه جاهل.
فبحسب موسوعة العلوم السياسية سنجد أن العالمانية الكثير من التعريفات لا يتضمن واحد منها فصل الدين عن الدولة، بل كلها تدعو لفصل الدين عن الحياة.
فسنجد أن من ضمن هذه التعريفات:-
العالمانية هي العقيدة التي ترى إبعاد الدين عن الدولة والأخلاق والتعليم، وأن يرى الإنسان أن مصدر خلاصه هو العقل وليس الدين، ورفض جميع الغيبيات والماوراء الطبيعة.
فهل هذا مجرد فصل الدين عن الدولة؟ أم أنه فصل الدين عن الحياة؟ هذا تعريف واحد فقط من ضمن تعريفات أخرى أكثر شناعة.
ومن هذه التعريفات الشنيعة هو تعريف العالمانية بأنها:-
الرأي الذي يقول إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية والقيم، وإن العلمنة هي تحويل ممتلكات الكنيسة ومؤسساتها إلى الدولة لخدمة الأمور الزمنية.
ثم يأتيك طفل ليقول لك أن العالمانية هي مجرد فصل الدين عن الدولة، هذه الكائنات تشعرني بالتقزز واللزاجة بشكل مبالغ فيه، كالمداخلة بالضبط.
ثانياً: تقسيمات العالمانية.
قسمت العالمانية إلى الكثير من الأنواع، فهناك تقسيمة الدكتور عبدالوهاب المسيري الذي نص على أن العالمانية نوعان، علمانية جزئية وعالمانية شاملة، فالعالمانية الجزئية هي مجرد فصل الدين عن الدولة، والعالمانية الشاملة هي فصل الدين عن الحياة.
وقد أخطأ الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله في تقبله للعالمانية الجزئية واعتبارها غير متعارضة مع الإسلام مع اعترافنا بفضله ونبوغه وعبقريته وخدمته لأمة الإسلام، فالعالمانية جزئية أو شاملة ففي الحالتين هي متعارضة مع الإسلام، فلا فصل للدين عن الدولة في الإسلام ولا فصل للدولة عن الدين، الإسلام دين ودولة.
ومن ضمن التقسيمات أيضاً تقسيم العالمانية باعتبارها متطرفة ومعتدلة، ونفس ما قيل في تقسيمة الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله يقال في هذه التقسيمة أيضاً.
وغيرها الكثير من التقسيمات التي لا طائل ولا أهمية ولا فائدة من ذكرها، فقط يجب أن تعلم الخلط الذي سيمارسه عليك العالماني أثناء نقاشه معك، فهو سيحاول أن يقنعك بالعالمانية بحجة أنها مجرد فصل الدين عن الدولة ليأخذك إلى فصل الدين عن الحياة.
فلا تغتر بهذه التقسيمات.
العالمانية كلها كفر.
العالمانية كلها مرفوضة.
جزئية كانت أو شاملة.
متطرفةً كانت أو معتدلة.
برنجانية كانت أو بطيخية.
في كل الأحوال العالمانية كفر.
وهذا سيأتي تفصيله.
ثالثاً: نشأة العالمانية.
أنا مسلم سليمان تناولت العالمانية بشئ من التفصيل في قناتي في سلسلة العالمانية وهذا هو رابطها يمكنكم مشاهدتها من هنا
ولكن على الكل فالعالمانية هي أوروبية النشأة بدأت منذ تحريف الدين المسيحي في القرن الأول من رفع السيد المسيح وتدرج فحشها وظهورها حتى الثورة الفرنسية التي حولها اليهود من ثورة على الكنيسة لثورة على الإله، وبدأت العالمانية بالتبلور في عصر ما بعد الثورة الفرنسية إلى أن وصلت لصورتها الحالية.
ولمزيد من التفصيل في نشأة العالمانية راجع سلسلتنا عنها على قناتنا ففيها تفصيل شديد.
رابعاً: حكم العالمانية في الإسلام.
1- العالمانية شرك في الربوبية.
الربوبية هي إفراد الله تعالى بالأمر الكوني والأمر الشرعي، فتسيير الكون وما فيه بيد الله وحده سبحانه، والأوامر الشرعية من حلال وحرام ونظم اقتصادية وسياسية وتشريعية بيد الله وحده لا شريك له.
وقد جمع الله عز وجل بين الأمرين الكوني والشرعي في قوله تعالى:-
{ألا له الخلق والأمر}.
وعلى هذا فلا يجوز بأي شكل من الأشكال فصل الدين لا عن الدولة ولا عن الحياة ولا حتى عن حكة لرأسك، فمن فعل هذا فقد أشرك بالله عز وجل في ربوبيته العالمانية ونخبتها الحاكمة.
2- العالمانية شرك في الألوهية.
توحيد الألوهية أوضحه الله عز وجل في قوله تعالى:-
{ { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) }
اﻷنعام[ 162 ]
وعلى هذا فالحياة والممات كلهما لله، وبالتالي فالهدف من أي نشاط إنساني في الحياة هو عبادة الله عز وجل، وعلى هذا فالتشريع والذي هو من ضمن نشاطات الإنسان الكبرى لابد أن يكون لله، فلا مشرع سوا الله عز وجل، ولا تشريع سوا دين الله عز وجل، فمن ترك الله عز وجل وذهب للعالمانية فقد كفر بالله عز وجل.
3- العالمانية قدح في النبوة.
{ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
آية أوضحت لنا منهج التعامل مع ما آتى به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من شريعة، فهل نترك أوامر رسول الله في السياسة والاقتصاد والاجتماع للعالمانية؟
هذا كفر بنبوة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أخذ بالعالمانية كفر بالله ورسوله، فأي كفر بعد هذا وأي ذنب بعد هذا؟
خاتمة.
المسلمون قادمون.
المقال روعة جداً بس في القسم الاعلى يوجد فراغ كبير أكبر من رأسي
ردحذفالسامرائي😀 يا أهلين
حذفجميل
ردحذف