الإنسان بين الإسلام والإلحاد

 



أولاً: الإنسان في الإسلام.

الآية المباشرة في تكريم الإنسان هي:-

{ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (70) } 

اﻹسراء[ 70 ]


ولكن التكريم لا يتوقف هنا بل إن الله سخر للإنسان الكون بأكمله وأغرقه في النعم، يقول الله عز وجل:-

{ ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (20) } 

لقمان[ 20 ]


بل إن من مظاهر تكريم الكون للإنسان هو خلق النجوم لتوازن حياته في الدنيا، يقول الله عز وجل:-

{ وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون (97) } 

اﻷنعام[ 97 ]


بل إن الكون كله في سماواته وأرضه ومخلوقاته ودوابه وليله ونهاره ما هو إلا لخدمة الإنسان، يقول الله عز وجل:-

{ إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين (3) وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون (4) واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون (5) } 

الجاثية[ 3 : 5 ]


ثم انظر لهذا التكريم العظيم إذ أن الله سبحانه أسجد للإنسان ملائكته، ملايين الملائكة سجدت لنا تكريماً وتعظيماً لجنسنا، يقول الله عز وجل:-

{ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين (11) } 

اﻷعراف[ 11 ]


وخلقنا الله في أحسن صورة وهيئة داخلياً وخارجياً، عقلياً وجسدياً وعاطفياً، يقول الله سبحانه:-

{ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4) } 

التين[ 4 ]


ولم يتوقف التكريم هنا، بل زادنا الله بعد كل هذا التكريم، التكريم بالعلم، يقول الله سبحانه:-

{ الرحمن (1) علم القرآن (2) خلق الإنسان (3) علمه البيان (4) } 

الرحمن[ 1 : 4 ]


كما أن قتل إنسان واحد هو بمثابة قتل البشر جميعاً، فلا يوجد في الإسلام مبدأ تقديم مصلحة الجماعة على الفرد، فالفرد هذا إنسان عظيم يجب احترامه وتوقيره وتوقير دمه، يقول الله سبحانه:-

{ من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون (32) } 

المائدة[ 32 ]


ثم بعد كل هذا أسبغ الله علينا نعمه ظاهرة وباطنة وأغرقنا فيها، يقول الله سبحانه:-

{ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم (18) } 

النحل[ 18 ]


وبعد كل هذا يعدنا الله سبحانه بجنات وحياة طيبة تكريماً لنا، فيقول سبحانه:-

{ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (97) } 

النحل[ 97 ]


 وكل هذا التكريم هو ما دفع ابن القيم إلى أن يقول:-

« فالدنيا قرية ، والمؤمن رئيسها ، والكل مشغول به ، ساع في مصالحه . والكل قد أقيم في خدمته وحوائجه . فالملائكة الذين هم حملة عرش الرحمن ومن حوله يشتغفرون له . والملائكة الموكلون به ، يحفظونه . والموكلون بالقطر والنبات يسعون في رزقه ، ويعملون فيه . والأفلاك سخرت منقادة ، دائرة بما فيه مصالحه . والشمس والقمر والنجوم مسخرات ، جاريات بحساب أزمنته وأوقاته ، وإصلاح رواتب أقواته . والعالم الجوي مسخر له برياحه ، وهوائه ، وسحابه ، وطيره ، وما أودع فيه . والعالم السفلي كله مسخر له ، مخلوق لمصالحه ؛ أرضه ، وجباله ، وبحاره ، وأنهاره ، وأشجاره ، وثماره ، ونباته ، وحيوانه ، وكل ما فيه » .


ثانياً: الإنسان في الإلحاد.

أعلم الاعتراض الذي سيعترض به الملحد على هذا الجزء من المقال من قبل أن يتفوه به حتى، وهو: الإلحاد ليس دين حتى تقول الإنسان ما بين الإسلام والإلحاد، ولو كان الإلحاد دين لكان الصلع قصة شعر.


وهذا الاعتراض هو أفحش مثال على جهل وسطحية الملاحدة، فالملاحدة يظنون أن إنكار وجود الله هو النهاية، ولا يعلمون ان انكار وجود الله هو مجرد البداية ليس أكثر.


فإنكار وجود الله معناه عدم وجود الروح، وعدم وجود الروح معناه أن الإنسان مجرد مواد كيميائية تجمعت عن طريق الصدفة بلا هدف ولا غاية.


وبهذا يصير لا فرق بين قتل الإنسان وقتل الجراثيم، فالإنسان هو مجرد شئ من الأشياء، وسحقه لا يختلف كثيراً عن سحق التراب تحت أقدامنا.


وبهذا تسقط المعاني الأخلاقية من خير وشر، فالخير والشر هي مصطلحات ميتافيزيقة لا معنى لها في عالم المواد الكيميائية، فلا يوجد صوديوم يشعر بالحزن حينما يحترق في الماء، وعلى هذا فحرق الإنسان ليس مدعاة للحزن ولا للفرح، إنه مجرد حدث ممل ورتيب في سلسلة الأحداث الكونية اللاغائية والعشوائية، لا أكثر.


وهذا هو ما عبر عنه البيولوجي التطوري جوليان هكسلي في كتاب ( الرجل في العالم الحديث - the man in the modern world) فقال:-


" لقد تقلصت الفجوة بين الإنسان والحيوان عن طريق تقليص الصفات الإنسانية للبشر ".


كان هكسلي في هذا الكتاب يستعرض كارثة الإنسان في العالم الحديث مم وجهة نظر داروينية، وكيف ان انتشار هذه الخرافة جعل الانسان لا يختلف كثيراً عن الحيوان، لقد خسف الإلحاد بالإنسان الأرض.


بل إن تشارلز داروين نفسه واضع خرافة التطور قال في كتابه (أصل الإنسان):-


" غرضي في هذا الفصل هو توضيح أن لا يوجد فرق بين الإنسان وبين الثدييات العليا في الملكات العقلية ".


بل إن الفيلسوف الملحد بيتر سينجر كتب مقالاً يوضح فيه حقيقة الإنسان من وجهة نظر إلحادية فيعنون المقال بـ( قدسية الحياة أم نوعية الحياة) نافياً فيه أي قدسية لحياة الإنسان، وأنه لا يوجد أية مشكلة في التخلص من الأطفال الرضع الذين يعانون من التخلف العقلي.


ولهذا فقد كان ستيفن هوكينغ واضحاً وصريحاً حينما قال في كتابه نهر خارج عدن:-


( إن الكون في حقيقته بلا خير ولا شر، فقط قسوة عمياء غير مبالية)


هذه هي الحقيقة التي يحاول الملحد أن يهرب منها بقوله ان الالحاد ليس دي، وإذا أردت أن تعرف هل الإلحاد دين أم لا شاهد مقطعنا المرئي على اليوتيوب بعنوان (أركان الإلحاد الستة).


ثالثاً: الداروينية الاجتماعية ولغة الغاب.


ركز معي...


كيف ظهر الإنسان في الكون؟ عن طريق آليات التطور، فالإنسان القادر على البقاء والتكيف هو الإنسان الذي يستحق الحياة.


الآن انظر لعدد البشر الغير قادرين على التكيف إلا بالمعونات وإهدار موارد الدولة عليهم، لماذا يجب أن نبقيهم على قيد الحياة؟


أليس البقاء للأصلح؟ هما غير صالحين للحياة، فلماذا نبقي عليهم؟ 


طيب دعك من هذا، لنعد للتطور الدارويني، ما هي آليات التطور؟ آليات التطور هي الانتخاب الطبيعي والطفرات العشوائية، أليس كذلك؟


ما هو الانتخاب الطبيعي؟ الانتخاب الطبيعي في صورته البسيطة هي اختيار الطبيعة للكائن الأصلح للحياة، فذلك الكائن القادر على الهروب من المفترسات، أو افتراس أكبر قدر من الحيوانات الأضعف منه ليتغذى عليهم ويستدفئ بفروهم في الشتاء او غيرها من مظاهر التكيف مع الظروف المحيطة هو القادر على البقاء والتناسل والتكاثر.


طيب جميل، نحن البشر داروينياً مجرد حيوانات خاضعة لآلية الانتخاب الطبيعي، وبالتالي ما الذي يمنع الإنسان من أن يعتدي على أخيه الإنسان إذا كان هذا الإنسان المعتدى عليه غير صالح للبقاء كأن يكون معاقاً أو عجوزاً أو طفلاً متخلفاً؟


أعرف قولك بأن الإنسان خاضع لمجموعة أخلاقيات ناتجة من حياته في جماعات، ولكن هذا الكلام يفسر كيف ظهرت الأخلاق ولا يفسر لماذا يجب أن نلتزم بهذه الأخلاق إن رأينا في مخالفتنا لها مصلحتنا؟


إن الداروينية بآثارها اللعينة هي لعنة شيطانية تؤدي بالبشر لجحيم أرضي، وبالفعل ها نحن ذا نعيش في هذا الجحيم، لقد صار العالم مجنوناً بشكل لا يصدق ولا يحق لك الاعتراض، فهو الانتخاب الطبيعي يقرر من يبقى ومن ينقرض.


رابعاً: أعظم إنسان في الكون بعد تابعي التابعين والعلماء.

إنه أنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدليل الأخلاقي على وجود الله | سلسلة الأدلة على وجود الله

الثوابت الكونية و وجود الله

من هم أهل السنة والجماعة؟