لماذا لا نرى الله؟



المقدمة

تغيبت كثيرا ولكن لم يعد هناك غياب إن شاء الله، لذلك دعونا نراجع بشكل سريع ما اخذناه في سلسلة أدلة وجود الله لأننا نريد أن ننهي هذه السلسلة بشكل سريع. 


 بدأنا في سلسلة أدلة وجود الله بسؤال لماذا نبحث عن الله؟ وكانت مجرد تشويقة حاولت ان أشوقك من خلالها للبحث في وجود الله.


 وبعدها كلمتك عن مقدرتنا نحن البشر على الحياة بدون إيمان، هل نحن محتاجين اصلا للايمان بالله حتى نبحث عن وجوده؟ 


 وبعدها كلمتك عن الدليل بين الايمان والالحاد من هو الذي عليه عبء الاثبات؟ 



 ولكن رغم كل ما كلمتك عنه إلا أنني لم أكن قد كلمتك بعد عن الأدلة على وجود الله، كل هذا وكل ما سبق كان مجرد تمهيد الطريق للبحث اصلا في ملف الوجود الإلهي.



 الأدلة على وجود الله يا إخوة في أصلها أدلة عقلية، قائمة على البديهيات العقلية الأربعة ولهذا كان لابد قبل أن أكلمك عن الأدلة على وجود الله أن اكلمك أولاً أو أشرح لك في البداية ما هو العقل؟ وما هي البديهيات العقلية الاربعة؟ وهذا بالفعل ما فعلته في حلقة العقل.



 ولأن العقل أصلاً قائم على المعطيات الحسية التي تستنطقها الحواس من الواقع الخارجي فكان لابد أن أعلمك أو أن أشرح لك ما هي الحواس وهذا بالفعل ما فعلته في حلقة الحواس فشرحت كيف أن هناك ملحدين يعبدون الحواس وملحدين يكفرون بالحواس وشرحت لك أيضا في حلقة الحواس ما هو مذهب المسلمين فيها. 



 ولأننا تكلمنا عن الحواس كان لابد أن أكلمك عن معبود الحسيين الأعظم وهو العلم التجريبي والعلموية، وما هي علاقة العلم التجريبي بالوجود الالهي؟ وهذا هو ما ناقشناه في حلقة العلم والعلموية والوجود الإلهي



 كل هذا كان مجرد مقدمات عقلية وتأسيس معرفي قبل الدخول في عرض أدلة وجود الله نفسها وقبل أن ندخل في أدلة وجود الله كان لابد أن اعرفك على مآلات إنكار وجود الله، كان لابد ان أعرفك بشكل سريع على الإلحاد، وبالفعل هذا ما فعلته في حلقة أركان الالحاد الستة.



 وأخيرا يا إخوة المقال الذي تقرأونه الآن أو الحلقة التي تشاهدونها الآن هي الحلقة الأخيرة في المقدمات والتأسيس المعرفي وابتداءً من الحلقة القادمة سوف نبدأ في استعراض أدلة وجود الله نفسها، على هذا نحن في هذه الحلقة ماذا سنقدم؟ أعرني انتباهك.



 في هذه الحلقة يا إخوة سوف نجيب على أشهر ثمانية أسئلة أو اعتراضات يعترض بها البكتيريا على الإيمان بوجود الله، وهذه الاسئلة هي:-


 أولاً: لماذا لا نرى الله؟


ثانياً: على من يقع عبء الإثبات المؤمن أم الملحد؟


ثالثاً: لماذا نحتاج للدين؟ أو الله؟ وعندنا العلم التجريبي الذي فسر لنا الكون والقوانين الطبيعية التي فسرت لنا الكون


رابعاً: لماذا تفترضون أن إله الكون هو إله الإسلام؟ أليس من الممكن أن يكون مثلاً وحش اسباجيتي طائر؟ 


خامساً: وبالطبع لن انسى السؤال الاكثر حمقا وبلاهة في الكون وهو هل يستطيع الله ان يخلق صخرة غير قادر على حملها؟


 سادساً: لماذا تصدقون الإسلام وأنتم فقط ورثتموه من آبائكم؟


سابعاً: كيف الإنسان المحدود سيتعرف على الإله المطلق؟ 


ثامناً: كيف الايمان حق وعليه الكثير من الاعتراضات؟


ونبدأ بالسؤال الأول وهو لماذا الله خفي عنا؟ لماذا لا يظهر لنا وينتهي الامر؟


لنستمتع...



 صياغة اعتراض لماذا لا نرى الله 


 لو كان الله موجوداً فلا بد أن يكون وجوده واضح للجميع بدون أدنى شك، ولكننا نجد أن الوجود الالهي غير بين وغير واضح لكل الناس وبالتالي لا يوجد إله.


 هذا هو الاعتراض الذي يترنم به الكفرة والبكتيريا والرد عليه في خمس نقاط.


النقطة الأولى في إجابة سؤال "لماذا لا نرى الله"

العلم بوجود الله هي حقيقة أطبقت عليها كل الأمم، فالايمان بوجود إله للكون هو حتمية مطلقة للجميع سوف تجد الإنسان البدائي الذي يسكن في غابات الأمازون مؤمن بوجود الله والعالم الحاصل على نوبل مؤمن بوجود الله.


الإلحاد لم يظهر كظاهرة اجتماعية غير في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.


الإلحاد شذوذ على النفس البشرية وعلى مسرح التاريخ فالإيمان بالوجود الإلهي هو طبيعة النفس البشرية لأنه الحقيقة المطلقة فليس من المنطقي أن تأتيني في عصر الانحراف وتتحجج بوجود مجموعة من البشر ظهروا بعد القرن التاسع عشر ليسوا مؤمنين بوجود الله لكي تقول لي انظر وجود الله غير يقيني، لا اريد بلاهة هنا. 



 النقطة الثانية في إجابة سؤال "لماذا لا نرى الله"


أبحاث علم الأعصاب وعلم الجينات وعلم النفس أثبتت أن الايمان بالله هو جزء صميمي وأساسي في التركيب البيولوجي والسيكولوجي للانسان وهذا هو ما استعرضته بشكل مختصر في حلقة الدليل بين الإيمان والإلحاد، وأيضاً استعرضته بشكل مفصل في مقالي عن فطرية الإيمان والإلحاد، فالإلحاد والكفر بوجود الله هو نتيجة خلل في بيولوجية وسيكولوجية الملحد، المشكلة في الملحد، المشكلة فيك أنت عزيزي البكتيريا. 



 النقطة الثالثة في إجابة سؤال "لماذا لا نرى الله"

في الإسلام الله لم يخلق الانسان وتركه، بل خلقه وزوده بثلاث أدوات من خلالهم يستطيع أن يعبده ويذهب إليه بكل سهولة ويسر، الأداة الأولى هي ختم الميثاق الأول، يقول الله عز وجل:-

 { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172) } سورة الأعراف. 


ويقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:-


(ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ؟)


ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : { فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم }.


 فالختم الأول الذي ختمه الله علينا قبل خروجنا للدنيا كان عبادته، فنحن خارجين إلى الدنيا ونحن نفسياً جاهزين لعبادة الله، وهذا عليه أبحاث علم النفس مثلما انا ذكرت في مقال الدليل الفطري وكما ذكرت أيضا في حلقة عبء الإثبات.



 الأداة الثانية هي الفطرة، والفطرة هي الحال الأولى للنفس البشرية، وهي تظهر وقت نضوج العقل، فالفطرة هي استعداد نفسي مسبق للإيمان بالله، بل انجذاب لله وليس مجرد استعداد نفسي، يقول الله تعالى:-


 { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (30) } 

الروم[ 30 ]



 والأداة الثالثة كانت العقل الذي هو أداة النظر في الكون والذي من خلاله نستطيع أن نتعرف على أي شيء من خلال فقط آثاره حتى لو لم نراه، حتى لو لم تدركه حواسنا فمجرد وجود آثاره كاف بأن يعرفنا على وجوده من خلال العقل، يقول الله عز وجل:-


 {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53) } 

فصلت[ 53 ]



 فالله سبحانه وتعالى أعطاك الختم الأول والفطرة والعقل، ثلاث أدوات يأخذوك ويسوقونك بشكل لا إرادي منك للإيمان بوجوده سبحانه، وبعدها أطلق آثاره ودلائله كلها في الكون حتى أكبر جرم كوني، وفي النهاية تأتيني لتقول لي أن وجود الله غير يقيني، صدق الذي قال أن الإلحاد شذوذ نفسي.



 النقطة الرابعة في إجابة سؤال "لماذا لا نرى الله"

هي أن التأصيل الفلسفي للإلحاد يكون إنكار وجود الله فيه هو مجرد الخطوة الأولى التي تؤدي لإنكار الحواس وإنكار العقل اللذان يؤديان للجنون، فإنكار وجود الله سبحانه وتعالى هو جنون، والإيمان به هو الطبيعي.



 وأخيرا فالكوكب والكون مخلوق لاختبار إيماننا، فلو ظهر الإله فما قيمة الاختبار؟ 

تعليقات

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. ممتاز كالعادة 👌♥️بس لو ينفع تفرد فيديو و لو من نوعية فيديوهات الشورت توضح فيها النقطة الثالثة دي اكثر و الفرق بين الأداة الاولى (الختم) و الثانية (الفطرة) بعد نزول الفيديو الاساسي ان شاءالله .لان اضطرت ارجع أقرأها تاني علشان أفهمها 🙂 ف لو لاقيت كذا حد لم يستوعبها ارجو عمل فيديو ليها .شكرا علي مجهودك جزاك الله خيرا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدليل الأخلاقي على وجود الله | سلسلة الأدلة على وجود الله

الثوابت الكونية و وجود الله

من هم أهل السنة والجماعة؟