المدخل إلى دراسة القانون

 

أولاً: تعريف القانون. 

كلمة قانون هي كلمة ليست عربية الأصل، بل كلمة القانون يونانية الأصل، والتي كانت تعني النظام أو الاستقامة، وينصرف معنى كلمة القانون إلى كل علاقة مطردة بين ظاهرتين تؤدي إلى نتيجة ثابتة، وهذا المعنى نجده منطبق على العلم التجريبي والإنساني. 

فنجد في العلوم التجريبية قانون الجاذبية، وفي العلوم الإنسانية قانون العرض والطلب، وهكذا في كل علاقة بين ظاهرتين تؤدي إلى نتيجة ما اسمها قانون. 

فإن أسقطنا هذا المعنى على العلاقات الإنسانية وجدنا أن الإنسان كظاهرة من ظواهر الطبيعة تنشأ بينه وبين أخيه الإنسان علاقات كثيرة تؤدي إلى نتيجة ما.

ولهذا سمي النظام الذي ينظم هذه العلاقات باسم القانون لأن القانون هو كل علاقة مطردة بين ظاهرتين تؤدي إلى نتيجة معينة، وهذا بالضبط ما يصدق على بني آدم وعلاقاتهم بينهم وبين بعضهم. 

وعلى هذا فالقانون هو مجوعة القواعد القانونية المجردة التي تنظم سلوك الإنسان في المجتمع وتكون مرتبطة بجزاء. 

فإذا علمنا أن القانون هو مجموعة قواعد قانونية مجردة مجتمعة فعلى هذا تكون القاعدة القانونية هي الوحدة المكونة للقانون ككل.

وتتكون القاعدة القانونية من ركنين، الركن الأول هو المحكوم فيه، وهو كل واقعة أو حدث اجتماعي يتوقع حدوثه أو توجد الإمكانية لوجوده.

وأما الركن الثاني للقاعدة القانونية فهو الحكم وهو كل قرار يقرره نص القانون بشأن المحكوم فيه، أي كل حكم بشأن واقعة معينة.

والأحكام تنقسم لطائفتين، الطائفة الأولى هي أحكام مقصودة لذاتها كالحكم على المشتري بدفع ثمن ما اشتراه. 

والطائفة الثانية هي أحكام تيسر فهم قواعد قانونية أخرى، مثال على ذلك القاعدة القانونية التي تعرف السارق على أنه:-

(كل من اختلس منقولاً مملوكاً للغير بنية تملكه يعد سارقاً).

فهذا الحكم ليس حكماً مقصوداً لذاته، وإنما هو حكم يقصد به تيسير فهم القواعد القانونية الأخرى الخاصة بالسرقة. 

إذاً ملخص هذا الجزء من المقال:-

القانون هو مجموعة من القواعد القانونية المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع وتكون مرتبطة بجزاء، والقاعدة القانونية هي الوحدة المكونة للقانون وهي تتكون من ركنين، محكوم فيه وهو الواقعة الممكن حدوثها، والحكم وهو قرار القانون بشأن المحكوم فيه، وأحكام القانون تنقسم لقسمين، أحكام مقصودة لذاتها، وأحكام مقصودة لغيرها. 

ثانياً: خصائص القاعدة القانونية. 

علمنا في عنصر "تعريف القانون" أن القانون هو مجموعة من القواعد القانونية المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع والتي ترتبط بجزاء، فإذا تأملنا هذا التعريف وجدنا أن خصائص القاعدة القانونية هي أنها مجردة، ومنظمة لسلوك الإنسان في المجتمع، ومرتبطة بجزاء، فما معنى هذه الصفات الثلاثة؟ ركز معي.

أ- القاعدة القانونية مجردة.

يقصد بتجرد القاعدة القانونية أنها لا تتوجه إلى أشخاص معينة بذاتها، وإنما تتوجه إلى واقعة من شأنها أن تكون متكررة في المجتمع.

والعلة من تجرد القاعدة القانونية هي أن النصوص القانونية محدودة، بينما وقائع الإنسان وحوادثه غير محدودة وغير متناهية، وعلى هذا فلزم أن تكون القاعدة القانونية متجردة من الأشخاص. 

ويتبع خاصية تجرد القاعدة القانونية خاصية أخرى تابعة لها وهي العمومية، فتجد أن القاعدة القانونية تقصد حادثة عامة لا حادثة بخصوصها. 

فعلى سبيل المثال القاعدة القانونية التي تقرر أن كل من ارتكب ضرراً عن طريق لزم أن يدفع تعويض، هذه القاعدة القانونية تعم كل خطأ نتج عنه ضرر، لا تخص خطأً معيناً، ولا شخصاً بذاته. 

وهذا هو معنى أن القاعدة القانونية مجردة. 

ب- تنظم سلوك الأفراد في المجتمع.

الإنسان البشري كائن اجتماعي بطبعه، فهو يحيا في مجتمع يتشارك فيه مع افراده العلاقات المتبادلة، مما أدى إلى ضرورة وجود قوانين وقواعد قانونية تنظم سلوك الإنسان مع أخيه الإنسان. 

وعلى هذا فالقاعدة القانونية تنظم السلوك الخارجي للأفراد، تاركة أمر النوايا والسلوك الداخلي الوجداني للدين، ولكن هذه القاعدة وإن كانت هي الأصل إلا أن عليها استثناءات، فالمشرع اعتد بالنية في جرائم القتل، فمن قتل خطأ غير ذاك الذي قتل متعمداً.

ج- تقترن بجزاء. 

الجزاء في القانون الوضعي الكلام فيه طويل يحتاج لمقال آخر، لذلك سنتناول في المقال القادم الآتي:-

أ- تعريف الجزاء القانوني. 

ب- صور الجزاء:-

1- الجزاء الجنائي. 

2- الجزاء المدني.

3- الجزاء التأديبي.

4- الجزاء في القانون الدستوري. 

5- الجزاء الدولي. 

إذا أعجبك المقال يمكنك دعمنا عن طريق الباتريون والبايبال، كما يمكنك زيارتي في قناتي والانتساب إليها والاشتراك فيها. 

أراكم في المقال القادم. 

سلام 😉