كيف نحقق التوحيد و ندخل الجنة بغير حساب

 



أولاً: خطبة الحاجة.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.


(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).


(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا).


(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً).


أما بعد:


فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


لماذا خلقنا الله؟ 

إخواني في الله، لماذا خلقنا الله عز و جل؟ لقد خلقنا الله عز و جل للسبب الذي ذكره سبحانه فقال:-


( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )


جئنا إلى هنا إلى هذا الكون لعبادة الله وحده لا شريك له، فكان أول واجب على المكلف هو توحيد الله عز و جل، فلا رب ولا نالك ولا خالق ولا رازق إلا الله سبحانه، كمال الحب و كمال الخوف و كمال الرهبة و كمال الرغبة لا يكونوا إله له وحده لا شريك له، فإذا سألنا سألنا الله، و إذا استعنا استعنا بالله، فلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شئ قدير.


فمن حقق التوحيد فهذا هو الذي حقق العبودية لله عز و جل، لذلك حينما خاطب الله سبحانه نبيه محمد صلى الله عليه و سلم خاطبه بوصفه عبد له سبحانه فقال:-


( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ ).


فإن أشرف المقامات هي مقام العبودية لله عز و جل، و كلما كان توحيدك له سبحانه أكمل كلما كانت مرتبتك في العبودية اعلى. 


فمن حقق التوحيد فقد حقق العبودية، و من حقق مقام العبودية دخل الجنة بغير حساب، تُعرَض على الله عز و جل فينظر إليك فيجدك حققت كمال التوحيد فلا يناقشك في ذنوبك ولا يذكرك بها بل يأمر سبحانه ملائكته أن يا ملائكتي خذوه إلى الجنة.


بما يتحقق التوحيد. 

و تحقيق التوحيد يا إخوة لا يحصل إلا بثلاث:-


الأولى: العلم بمعنى "لا إله إلا الله" و ذلك لقوله تعالى:-

( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ).

فما معنى "لا إله إلا الله"؟ و ما شروط قبولها؟ و ما هي أدلتها؟ و كيف نرد على من خالفها؟ ذلك هو العلم بـ"لا إله إلا الله".


الثانية: الاعتقاد، و ذلك بأن تعتقد و تؤمن إيماناً جازماً لا يخالطه شك بأنه لا يوجد إله حق إلا الله عز و جل، فلا يكون في قلبك أحد أعظم من الله، لا في حب ولا كره، لا في رغبة ولا رهبة، الله وحده الذي له كل الحب و الرغبة، و منه يكون كل الخوف و الرهبة، سبحانه و تعالى.


الثالثة: و هي القيام بشرع الله عز و جل و الانقياد له و العمل به، فمن علم و اعتقد و لم يعمل فما اعتقد ولا علم، لأن الاعتقاد يدفع العبد دفعاً على العمل لا محالة، فمن لم يعمل ما آمن.


فإذا حصل العبد الثلاثة الثلاثة حقق التوحيد و دخل الجنة بغير حساب.


الدليل على أن محقق التوحيد في الجنة بغير حساب. 

و هنا قد يسألني إخواني ما الدليل على أن من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب؟ 


هنا أذكر لكم يا إخوة حديث النبي صلى الله عليه و سلم إذ قال:-


( عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب).


ثم نهض رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم:-


فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا -وذكروا أشياء- فخرج عليهم رسول الله ﷺ فقال:-


(ما الذي تخوضون فيه؟).


فأخبروه، فقال:-


(هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون؛ وعلى ربهم يتوكلون).


الداخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم أو يكويهم، لقوة اعتمادهم على الله عز و جل، و عزة نفوسهم عن التذلل لغير الله عز و جل، و لمَ في ذلك من التعلق بغيره سبحانه، و كذلك هم الذين "لا يتطيرون" أي أنهم لا يتشائمون، فهم متفائلين، محسنين الظن بالله و لو أظلمت عليهم الدنيا كانوا صابرين عالمين أن أمر المؤمن كله له خير، ثم هم على ربهم يتوكلون فتجدهم آخذين بالأسباب محسنين الظن بالله راضين بقضاء الله فيهم.


هؤلاء هم من يدخلون الجنة بغير حساب، من إذا سألوا سألوا الله وحده، و إذا استعانوا استعانوا بالله وحده، متوكلين عليه سبحانه، غير متعلقين إلا به جل و علا، أولئك الموحدون الداخلون الجنة بغير حساب، فكونوا منهم إخواني في الله، و السلام عليكم و رحمة و بركاته.


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدليل الأخلاقي على وجود الله | سلسلة الأدلة على وجود الله

الثوابت الكونية و وجود الله

من هم أهل السنة والجماعة؟