مقدمة في أصول الرد على الشبهات | زكرياء الجوهري.
تعريف الشبهة.
هي ظهور الباطل بصورة مزينة تشبه صورة الحق، وهذا التزيين من عمل الشيطان، يقول الله عز و جل:-
{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
سورة الأنعام.أو هو من عمل الإنسان حين يصير عميلا للشيطان، يقول الله عز و جل:-
{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
سورة البقرة.
مثال قرآني.
أهل مملكة سبأ عبدوا الشمس وهذا باطل، ولكن الشيطان زين لهم ذلك فرأوه حقا، فالشمس هي مصدر النور والضياء وسبب حياة الكائنات والنباتات، أفلا تستحق العبادة؟ وهكذا أوقعهم إبليس في الفخ، يقول الله عز و جل:-{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ}
سورة النمل.
العلاقة بين الشبهات وأعداء الإسلام.
أعداء الإسلام لا يكفون عن صناعة ورمي الشبهات حتى يُضلوا المهتدين، لأن الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر سنة كونية أبدية، يقول الله سبحانه:-{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}
سورة البقرة
واليوم وسيلة قتالهم تطورت وأصبحت أسرع وأسهل في الاستعمال، وذلك عن طريق وسائل الإعلام ومواقع النت وشبكات التواصل الاجتماعي.
يقول الله تعالى:-
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}
سورة البقرة.
فبعد أن اكتشف اليهود والنصارى ضلال دينهم وبطلان عقيدتهم حسدوا المسلمين فنذروا أنفسهم لإضلالهم، يقول الله تعالى:-
{وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}
آل عمران.
وفي سورة النساء نفس المعنى وتحذير متكرر، يقول الله سبحانه و تعالى:-
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
سورة النساء.
فالأمر بالنسبة لأعداء الإسلام معركة شرسة وحرب مصيرية فيها غالب ومغلوب، يقول الله تعالى:-
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}
سورة فصلت.
و من أمثلة الشبهات التي راجت في العهد النبوي أن أهل فارس أمروا كفار قريش بطرح هذه الشبهة على المسلمين: لماذا تأكلون مما ذبحته أيديكم، ثم لا تأكلون مما ذبح الله أو قتل الله (يقصدون بذلك الميْتة)، فشوش ذلك على بعض المسلمين فنزل قوله تعالى:-
{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}
سورة الأنعام.
دور القرآن الكريم في محاربة الشبهات.
تدبر القرآن هو أقوى سلاح يقضي على جميع أنواع الشبهات، لأن القرآن "فرقـــــــــــــانٌ" بين الحق والباطل،يقول الله تعالى:-{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}
البقرة.
و في سورة الفرقان قال الله سبحانه:-
{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}
الفرقان.
وفي سورة الأنعام:-
{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}،
فالآيات القرآنية تكشف بالجملة والتفصيل حيل وأساليب أعداء الإسلام، لأن:{هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} و أيضاً {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.
أمثلـة لشبهــات رد عليهـا القـرآن.
هناك الكثير من الشبهات التي رد عليها القرآن الكريم، و هي شبهات كانت سابقة لزمنها، كشبهات إلحادية، و شبهات نصرانية، و شبهات شيعية، و شبهات نصرانية، و شبهات صوفية.شبهة إلحادية.
لماذا لا يكون للكون أكثر من إله خالق؟ فيجيبهم القرآن بقوله:-{وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}
سورة المؤمنون.
فلو تعددت الآلهة لنشب الصراع فيما بينها لأن كل إله سيحاول فرض قراره ولو تنازل عنه فقد بذلك ألوهيته وصار عبدا لأن الإله الحق لا يتنازل عن قراراته.
شبهة نصرانية.
عيسى عليه السلام روح من الله ولد بغير أب من البشر، فأبوه إذن هو الله سبحانه: فينسف القرآن هذه الشبهة بمنطقهم، فيقول الله عز و جل:-{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ}
سورة الأنعام.
و قال الله جل جلاله:-
{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}
سورة الزمر.
فالإله الحق هو من يتخذ الولد لنفسه إن شاء، ولن ينتظر عباده حتى يتخذوا له ولدا، ثم كيف يصطفي الأنثى على الذكر كما يدعي كفار العرب في الجاهلية؟؟
شبهة شيعية.
أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخلن في مسمى "أهل البيــــــــــــت النبوي" الذي يقتصر عندهم على علي وفاطمة والحسن والحسين والأحفاد من بعدهما رضي الله عنهم أجمعين، فيكذب القرآن دعواهم فيقول ربنا سبحانه في سياق حديثه الموجه لنساء النبي، فقال الله عز و جل:-{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
سورة الأحزاب.
فوجب احترامهن لأنهن من أهل البيت قطعا بنص القرآن الكريم.
شبهة صوفية.
بالغ بعض الصوفية في التعبير فقالوا: من يعبد الله خوفا من ناره أو طمعا في جنته فهو مادي منحط النية لأن القرب من الله هو الغاية الوحيدة التي ينبغي أن تكون، فرد القرآن عليهم بأن فعل الخير خوفا من العقاب وطمعا في الثواب لا يتعارض أبدا مع نية القرب من الله، لأن عباده الصالحين، فقال الله عز وجل:-{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}
سورة الإسراء.
وهكذا فإن القرآن يحتوي جوابا لكل الشبهات علمه من علمه وجهله من جهله، قال مسروق بن الأجدع وهو من أئمة التابعين:"مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الَأَهْوَاءِ إِلَا فِي الْقُرْآنِ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّا لَا نَهْتُدَي لَهُ".
و السلام عليكم.
جميل
ردحذفجزاكم الله خيرا
ردحذف