كيف تلتزم بأوامر الله و ماذا تفعل إن انتكست؟


لماذا تلتزم؟ 

{ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ }

لماذا يجب أن نلتزم؟ كلنا قرأنا يوماً  قول سيدنا نوح عليه السلام لابنه بأن يركب مع المؤمنين ولا يكن مع الكافرين، لكنه عصاه ثم مات، فما هي حسرته؟ إنه كان مقدر له الموت في هذا اليوم، الليلة هي آخر ليلة لابن سيدنا نوح، يعني سواء آمن أو لم يؤمن فالليلة آخر ليلة له.

فتخيلوا كم حسرته حينما يقوم من موته و يعلم أنه فوت الفرصة الأخيرة له في النجاة؟ لهذا يجب أن تلتزم.

أنت لا تدري متى موتك؟ فتخيل لو جائك الموت في هذه الليلة أو بعد قراءة هذا المقال؟ تخيل لو جائك الموت على حالتك تلك و قلبك هذا، كيف يكون الوضع؟ هل ترضاه؟

انتشر بيننا فيروس كورونا و صرنا كلنا معرضين للإصابة به و الموت في أي لحظة، فأين الأمان من عذاب الله؟ لا أمان سوى بالالتزام، و لهذا يجب أن تلتزم.

للكافر أم للمؤمن؟ 

قد يقول قائل : يا رجل أنت تضرب لنا مثالاً بشخص كافر كابن سيدنا نوح، و نحن لسنا كفاراً بل نحن مؤمنين، فكيف تقارنَّا به؟ إن سيدنا نوح عليه السلام حينما قال لابنه اركب معنا كان يريده أن يركب مركب الإيمان، و نحن مؤمنون فأي مركب ذاك الذي تريدنا أن نركبه؟ أم أنك ترانا من الكافرين؟ 

يا رجل قد تكون على طريق الإيمان، لكن ما أمانك من النيران؟ أنت قد تكون مؤمناً و لكن لا أمان لك من النيران، فأنا حينما أقول لك اركب مركب الإيمان فأنا أدعوك لتركب مركباً فيه غفران الخطايا فلا عذاب، فيه تكثير الحسنات فلا تأخذ درجة قليلة في الجنة.

أجل درجات الجنة كلها خير، و أجل مجرد النجاة من العذاب خير، لكن لماذا تحرم نفسك من أعلى درجات الجنان؟ ثم كيف أصلاً تأخذ درجت قليلة في الجنة بلا التزام بأوامر الله؟ 

سيدنا ابن كعب الأسلمي لما قال له الرسول صلى الله عليه و سلم "سلني" فقال : "أسألك مرافقتك في الجنة" فقال له "أعني على نفسك بكثرة السجود".

أي اعمل حتى تستحق مرافقتي في الجنة، فكيف تسأل الله الجنة بلا عمل؟ بلا ركوب لمركب الإيمان؟ فالإيمان قول و عمل و تصديق بالجنان، فمالك تغتر بالقول دون العمل؟ أو بالتصديق دون القول و العمل؟ 

كما أنك يا صديقي لا تضمن الموت على الإيمان، ما الذي يدريك أنك ستموت على الإيمان؟ ألم تسمع قول سيدنا يوسف عليه السلام :-
{ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }

إنه سيدنا يوسف بعد كل ما حدث له من معجزات و إيمانيات يدعوا الله عز و جل أن يتوفاه مسلماً و أن يلحقه بالصالحين، بعد كل هذا إنه لا يضمن أن يموت من المسلمين، و يريد أن يركب مركب الصالحين. 

فما يضمن لك يا أخي أن تموت على الإيمان؟ إنه الالتزام الدائم بأوامر الله عز و جل و التمسك بها و ركوب مركب الإيمان. 

و أقول إن لم يأتي مثال اركب معنا على هواك فماذا تقول في قول الله عز و كل في سورة الحديد:-

{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

ألم يأنِ يا رجل؟ ألم يأنِ أن تركب معنا؟ ألم يأنِ أن تركب معنا مركب الإيمان؟ ألم يأنِ أن تركب معنا مركب الالتزام؟ إذاً هذا المقال لك.

ما الذي يعين على الالتزام؟ 

نحن كشباب صغير أو كبير عانينا كثيراً من محاولة الالتزام إذ كنا دائماً لا نكمل الطريق، فما السبب؟ و ما الذي يؤدي بنا إلى الالتزام و الاستمتاع بالالتزام طيلة حياتنا؟

أولاً: لا بديل. 

اعلم يا أخي و اعلمي يا أخيتي أنه لا يوجد بديل، اسمع.. 
إن حياتك إما أن تكون في طاعة الله و إما في المعصية، و الحياة في طاعة الله ستؤدي حتماً إلى الجنة بإذن الله، ولا بديل ولا طريق للجنة إلا بالالتزام. 

يا شباب ركزوا معي لا تفقدوا انتباهكم..

لا بديل، لا يوجد غير طريقين، طريق الطاعة و طريق المعصية، طريق الطاعة كما قلت يؤدي لا محالة إلى الجنة بإذن الله ولا بديل للالتزام حتى تدخل الجنة، و طريق المعصية سيؤدي إلى جهنم و عذاب الله سبحانه ولا بديل لطريق المعصية للأمان من النيران إلا بالالتزام.

فلا يوجد بديل،.إن التزمت نجوت، و إن ام تلتزم هلكت.

و دعني أُذَكِـرُكَ ...

يوم القيامة أنت لن تُحَاسَب على الخطايا الكبيرة بل سوف تحاسب على الكبيرة و الصغيرة، و بالطبع قرأت قوله سبحانه:-

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }

أتعلم من المجرمين المقصودين في الآية؟ إنهم الكافرين و المؤمنين العصاة، الاثنين سيسألان عن كل صغيرة و كبيرة، عن كل قول أو فعل، فأي بديل لك يا أخي عن الالتزام حتى تنجو من السؤال؟ 

ثانياً: يسر الطريق. 

{ إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ} 

أنا أعلم يا صديقي و يا أختي أنكما عندكما شئ من استصعاب طريق الالتزام؟ أعلم تلك الكلمات التي ترد على خواطركم، هل سأبتعد عما أحب؟ كم هو صعب أن أبتعد عن شهواتي؟ أنا أحب الغناء فكيف سأتركه؟ أنا مدمن على العادة السرية، أنا مدمن على تدخين السجائر، فكيف أترك كل هذا؟ إنه لأمر صعب. 

ولا أعرف حقاً إن كنت سأصدمك بكلماتي القادمة أم لا و لكن دعني أفاجئك أن الصعوبة فقط في الأيام الأولى، إن الشيطان يصور لك أنك ستحيا طيلة العمر في عذاب الصبر على شهوة تعودت عليها و لكن الأمر أهون و أتفه و أحقر من هذا. 

دعني أصدمك مرة أخرى أنك بمجرد أن تتوغل في التزامك ستجد أن الابتعاد عن الصلاة و العبادة هو الصعب و أن الأيسر و الأسهل هو الثبات على عبادة الله، ستجد أن الأصعب هو معصية الله، فقط بعد الالتزام بمجرد أن تأتيك خاطرة عن المعصية ستجد الأمر على قلبك عظيم. 

و لكن الشيطان يخدعك بأن الالتزام معناه تعذيب العمر في الابتعاد عن ما تحب، و هذا كذب كبير، فقط ابدأ و ستجد حالك بعد أيام في راحة، ستجد حالك بعد أيام تشمئز من تلك المعصية التي أنت متعود عليها، طريق الالتزام سهل يسير للغاية فلا تجعل للشيطان عليك حجة و سبيلا. 

ثالثاً: النظرة الحقيقية للدنيا. 

هذه النقطة من أهم النقاط المعينة لك على الالتزام، ركز معي.

ما رأيك إن قلت لك سأعطيك مليون دولار مقابل ساعة تفعل فيها بعض الأعمال و تبتعد فيها عن بعض الأعمال الأخرى، أتقبل و تلتزم؟ أم تقبل ولا تلتزم؟ أم ترفض؟

مليون دولار مقابل التزام ساعة عرض لا يُـرفَض، إذاً ستقبل و تلتزم، الآن اسمع قول الله عز و جل :-

{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ }


إنها ساعة، الدنيا كلها برمتها ساعة، ساعة واحدة تعمل فيها أعمالاً معينة و تبتعد فيها عن أعمال أخرى، مقابل ماذا؟ مقابل جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض، لذلك من تلبيسات إبليس عليك ألا يجعلك تفكر في سؤال ماذا بعد؟ 

يقول لك انظر أستبقى ملتزماً مبتعداً عن شهواتك "للأبد" ؟ إنه يعمي عينك عن أنك تبتعد عن الحرام و الشهوات لساعة، فإذا أقنعك أنها للأبد استثقلت طريق الالتزام، فابتعدت عنه خطوة. 

و نسيت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في الدنيا :-
( ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع ).
ضع اصبعك في اليم، أخرج اصبعك من اليم، بماذا رجعت؟ ببلل اصبع، لم ترجع حتى بماء، إنه بلل اصبع، هكذا هي الدنيا، الآن انظر لليم، انظر للنهر، أترى عظمته و طوله و وسعه؟ إنها الآخرة، أتبيع اليم لأجل بلل اصبع؟ 

و للقرآن و السنة في عرض حقيقة الدنيا و زينتها و شهواتها صروح من الحقيقة الصادمة، و حتى لا أطيل عليكم المقال أعيدكم لكتاب الداء و الدواء للإمام ابن القيم إذ أنه كتب فصولاً طويلة في حقيقة الدنيا و زينتها تحميل الكتاب.

رابعاً: طريق السعادة. 

الالتزام طريقٌ للسعادة، لا خطأ، الالتزام طريق سعادة و ليس فقط طريقاً للسعادة، الالتزام بدين الله عز و جل يورث في قلبك الأمان و الهدوء،  ينبت في قلبك الصفاء و السلام، قد تكون فقيراً مريضاً لكنك ستكون سعيداً مستمتعاً بالدنيا. 

و لست أقصد بالسعادة أو الاستمتاع تلك السعادة المرتبطة بالماديات و الحصول على المزيد فهذه ليست بسعادة أصلاً، بل إنها طريق شقاء فالنفس مهما أعطيتها فإنها ترضى ولا تشبع، فلا شئ سيرضيها ولا شئ من الماديات يسعدها.

و إنما السعادة الحقيقية هي في ذلك السلام الداخلي، و الهدوء النفسي، و الأمان التام و إن كانت الدنيا كلها تتآمر لتعذيبك و قتلك.

كان الإمام ابن تيمية طيلة عمره في السجن، و كان دائماً يردد أن جنته في صدره رحمه الله، الدنيا كلها تتآمر عليه ليل نهار، و هو من داخله لا يرى بأساً فمن أين بهذه السعادة جاء؟ إنه الالتزام.

و لهذا قال الله عز و جل:-

{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَ مَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا }

اتبعت هدى الله و التزمت؟ فإنك لن تضل و لن تشقى، أعرضت عن ذكر الله و عصيت؟ فإن لك معيشة ضنكا، ولا تجد أحد قريباً من الله عز و جل تعيساً و لو كان فقيراً مريضاً معدما، ولا تجد أحد بعيد عن الله عز و جل و تجده سعيداً و لو كان غنياً ميسوراً مرفها. 

و الشيطان يأتيك ليخدعك، فيصور لك أن الالتزام تعب و شقاء، فلا تكن كالأحمق و جرب جنة الالتزام و اسحق شيطانك ولا تستمع له. 

فهذه أربع أسباب تعينك على الالتزام، الآن ما هي خطوات الالتزام؟ 

خطوات الالتزام. 

( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق )

إن دين الإسلام دين متين، و لن يشاد أحدٌ هذا الدين إلا غلبه، لذلك إن كنت مريداً للالتزام بدين الله فعليك بخطوات، و تدريجات، فأنت إنسان و بشري خلقك الله أطوارا، فكذلك لتكن حياتك أطوارا، لم يحرم الله الخمر مرة واحدة بل حرمها درجات و أطوارا، لذلك كن مع نفسك هكذا، و سر على الالتزام خطوة بخطوة، فما هي خطوات الالتزام؟ 

أولاً: العقيدة السليمة. 

قبل كل شئ أنت مسلم، قبل الصلاة و الصوم و الزكاة أنت مسلم، أي أنك تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره. 

الآن دعني أسألك.. 

ما أركان الإيمان بالقدر؟ 
ما شروط الإيمان بالرسل؟ 
ما أركان الإيمان بالله؟ 

هل تعرف عنها شيئا؟ فمثلاً إن علمت أن الإيمان بالله هو الإيمان بوجود الله ثم الإيمان بربوبية الله ثم الإيمان بألوهية الله ثم الإيمان بأسماء الله و صفاته، ثم تعلمت كل هذه الأركان و ما يناقضها، أهكذا أفضل أم ذاك الذي لا يعرف من الإيمان بالله غير أن الله موجود؟ 

تعلم العقيدة أمر يسهل عليك الالتزام، فكيف تلتزم بدين أنت لا تعرف أصوله؟ لذلك يجب عليك تعلم العقيدة، و كنتُ قد كتبت منهجاً لتعلم العقيدة اطلع عليه من هنا.

ثانياً: معرفة الله. 

كيف تتذوق لذة الالتزام بأوامر أحد و أنت لا تعلم عنه شيئا؟ تخيل أن تلتزم بأوامر الله و أنت لا تعرف الله، ما هذا الالتزام الجاف البالي؟ بل هو أيضاً التزام غير دائم، فأنت تلتزم بأوامر أحد أنت لا تعرفه، فإن اصطدم مرة أمر من أوامره مع هوى من هواك فلن تلتزم.

فكيف تلتزم و أنت لا تعرفه؟

معرفة الله عز و جل و صفاته و كماله و أفعاله و حكمته من أكبر المعينات على الالتزام، الإنسان بطبعه يحب كل ما هو جميل، الإنسان بطبعه يميل لما فيه الكمال، فما بالك بالله عز و جل الجميل جمالاً مطلقاً و الكامل كمالاً مطلقاً، كيف يكون حبك له سبحانه؟

تعرف على الله و صفاته و كماله، تعرف على الله عز و جل و ما له من صفات الجلال و القوة و الحكمة و العظمة، تعرف على الله عز و جل و تعلم من هو الله عز و جل، تجد الالتزام عليك لذيذاً ممتعاً.

ثالثاً: العبادات القلبية. 

العبادات القلبية يا صديقي هي كالوقود للجوارح، لن تستطيع الالتزام دون تعمير القلب، كلما أكثرت من العبادات القلبية كلما زادت لديك الهمة على العمل بالجوارح. 

عبادات القلوب من التوكل و الخوف و الرجاء، عبادات تملأ القلب بحرارة الإيمان، و تنور الصدر بنور اليقين، والله أنا أكتب كلماتي تلك و أشعر بلذة في كتابتها. 

و حتى تملأ قلبك بعبادات القلوب يجب أن تتعلم ما هي عبادات القلوب و كيف تحققها في قلبك، و اليوتيوب ممتلئ بالكثير من المحاضرات عن عبادات القلوب، ارجع لها و توغل فيها و املأ قلبك بالوقود حتى تكن جوارحك عابدة لله عز و جل. 

رابعاً: القرآن و الصبر و الصلاة. 

جائني أحد الشباب يوماً و قال لي " يا مسلم إني مدمن على الأغاني فماذا أفعل؟" فقلت له عليك بثلاث:-
1- الصبر.
2- الصلاة.
3- القرآن.

فقال لي أنه لا يجد هذا مقنعاً، فقلت له فقط افعل هذا لأسبوعين ثم تعالى إلي، فذهب ثم رجع فسألته فقلت له كيف حالك مع الأغاني؟ فقال لي: صرت أبغضها.

ما الذي حدث؟

الذي حدث كالتالي: جعل لنفسه ورداً يومياً من القرآن الكريم، و الله عز و جل يقول :-
{ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }

بعد التزامه بورد قرآني يومي تدبره و فهمه عمل القرآن فيه عمله، فطهر قلبه و هداه و أرشده لما فيه الصواب و الطريق القويم، ملأ قلبه بالبشرى بنعيم الله عز و جل فصغرت في عينيه و قلبه كل الذنوب، و هنا كان دور الصلاة. 

بعد أن طهره القرآن و صغر في قلبه الذنوب و جعله أرق و أهدأ و أرشده لطريق الحق كان لابد من شئ آخر يدفعه للتمسك بهذا الحق الذي رآه و الثبات على استصغار الذنوب، فكانت الصلاة. 
{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

لقد تلا ما أوحي إليه من كتاب ربه فطهر قلبه، ثم أقام صلاته فنهته عن الفحشاء و المنكر، فصار ترك الأغاني و الذنوب عليه أسهل و أسهل، و بقي في قلبه شئ من الهوى و في أذنه شئ من وسوسة الشيطان، و هنا جاء دور الصبر. 

الصبر على وساوس الشيطان إليه بالرجوع، الصبر على تزيين الذنب له، الصبر على هوى النفس في لذة عاجلة ليس لها قيمة فاستعان بالصبر و صبر فكان بغض الأغاني و الذنوب إلى قلبه. 
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ }

بعد أن خشع قلبه بالقرآن و الصلاة كان يسيراً و سهلاً عليه الصبر، فصبر على أكذوبة متعة الدنيا، فكان من الخاشعين الناجين الفائزين الملتزمين بإذن الله.

خامساً: الدعاء. 

خذ تعالى اقترب مني، هل تظن أنك ستنجح في كل ما سبق بقدرتك و حنكتك و ذكائك؟ أيها المسكين، إن لم يرد الله اقترابك فلن تقترب و لو ظللت تتعبد مليار عام، لذلك عليك بدعاء الله أن يقربك إليه، عليك الاستعانة بالله عز و جل أن يقربك إليه. 

ادعو الله في سجودك، ادعو الله في قنوتك، ادعو الله في كل أحوالك، ألح عليه في الدعاء، اللهم اهدني فيمن هديت، و بإذنه سبحانه يستجيب و يقربك إليه. 

ذلة أم انتكاسة؟ 

هذه أخطر نقطة في المقال كله، الكثير منا يقع في الذنوب فيظن أنه انتكس، أيها المسكين الانتكاسة هي الابتعاد التام عن عبادة الله ليوم أو أكثر، أما مجرد الذنب فذلة لا تجعلها تتحول لانتكاسة، بمجرد أن تذل لا تكتئب و تصف نفسك بالفشل و الفجور.

اهدأ..هي فقط ذلة.

قم و تب منها قبل أن تتحول إلى انتكاسة، تب إلى الله عز و جل بسرعة و بندم و ركوع و سجود ولا تسمح لتلك الذلة أن تتحول إلى انتكاسة.

فماذا إن انتكست؟
أعد تطبيق كل ما سبق مرة أخرى ولا تجذع، أمامك حياة قصيرة، استمر على المحاولة دائماً ولا تجعل الشيطان يخدعك بأنك انتهيت. 

و هذا هو آخر مقالي. 
و السلام عليكم و علينا. 

----------------------------------------

يكنك متابعتي على اليوتيوب من هنا

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدليل الأخلاقي على وجود الله | سلسلة الأدلة على وجود الله

الثوابت الكونية و وجود الله

من هم أهل السنة والجماعة؟